يشكل التواصل الذي بدأ بين رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري وبين رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد عون منذ لقائهما «السري» في باريس مرحلة يمكن الإستناد إليها كتجربة للتعاون تحت ظل الخلاف السياسي بينهما بحيث إن ما استتبعها من إتصالات شبه يومية بين مقربين من الجانبين خلال ابان إنتاج التشكيلة الحكومية وما تبع ذلك من تعيينات رغم التباين في الخيارات بابعادها الإقليمية والمحلية حسب أوساط في «كتلة المستقبل» تجد في الوقت ذاته بأن تواصل الأشهر الماضية مع التيار الوطني كان مريحاً قياساً إلى العلاقة القائمة بين تيار المستقبل بنوع خاص وبين كل مكونات قوى 14 اذار بنوع عام من جهة وبين رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع من جهة ثانية والذي يرفض التمديد لمجلس النواب فقط من أجل المزايدة الشعبية على العماد عون الذي يرفض هذا الخيار أيضاً.مقدرة الاوساط الموقف الوطني لرئيس مجلس النواب نبيه بري وتفهمه ضرورة التمديد النيابي في هذا الظرف وكذلك حرصه على الميثاقية.
وتفند الأوساط مأخذها على جعجع منطلقةً بأنه من غير الممكن إجراء إنتخابات نيابية في هذا الظرف مع ما يرتب إنجاز هذا الإستحقاق من تحويل الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف للأعمال واستبعاد إمكانية إجراء استشارات نيابية في ظل الفراغ الرئاسي. ثم أن النواب المسيحيون قد لا يتوجهون إلى إنتخاب رئيس لمجلس النواب من غير الطائفة الشيعية في وقت لا يتم إنتخاب رئيس جمهورية مسيحي وذلك يؤدي إلى مجلس نيابي دون رئيس وبذلك تتعطل السلطة التشريعية بعد أن تكون السلطة التنفيذية أي «الحكومة» قد سقطت دستورياً بفعل الإنتخابات النيابية، عدا ان الرئيس الحريري يسعى في رفضه الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية ترجمة لما كان اعلنه حيال حرصه وتمسكه بانتخاب رئيس جمهورية لبنان المسيحي الوحيد في هذا الشرق وكل ذلك بعيدا عن الاعتبارات الامنية التي كان اطلع عليها وزير الداخلية والبلديات كافة القوى المسيحية الرافضة للتمديد وتحول دون اجراء هذا الاستحقاق في هذا الظرف الحساس.
وتجد الأوساط بأن الذي تبين لها إن العماد ميشال عون هو الذي يضع «الأجندة المسيحية» على غرار ما دلت عدة محطات إذ عندما يتمسك رئيس تكتل التغيير بقانون الإنتخاب الأرثوذكسي يؤيده جعجع ثم عندما يرفض عون دخول الحكومة كذلك يرفض جعجع ثم يبقى الاخير خارج الحكومة نادما كأسير لموقفه بعدم دخول الحكومة في حين يشارك فيها تكتل التغيير والإصلاح وهو ما يطبق على خيار التمديد لمجلس النواب إذ ما ان أعلن عون رفضه هذا الخيار حتى التحقت به القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية على قاعدة المزايدة متحولين بذلك «عونيين أكثر من عون» مشيرة الأوساط إلى خطأ جعجع بعدم المشاركة في اجتماعات هيئة الحوار لاعتبارها لن تجدي نفعاً ومن ثم اندفاعه في الدفاع عن النأي بالنفس الذي خلص إليه يومها المجتمعون.
وتتوقف الأوساط أيضاً أمام الواقع الإنتخابي للقوات اللبنانية التي «تكاثر وتزايد» في رفضها للتمديد في حين أنها غير قادرة على تحقيق النتائج في المناطق المسيحية يمكن ان تغير التوازنات لصالحها وهو ما دلت عليه ترشيحها لمرشح في كل من المتن الشمالي وكسروان، وتتساءل الاوساط كيف يمكن أن تربح معركة في قضاء الكورة في ظل عزوف نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عن الترشح، وكيف يمكن أن تشكل لائحة في الأشرفية في ظل عدم الأخذ بقراءة وزير السياحة ميشال فرعون في الوضع المناطقي وخصوصية الأشرفية وكذلك احترام رأي راعي أبرشية بيروت لطائفة الروم الأرثوذوكس المطران الياس عوده في المرشح الأرثوذكسي؟
وتتابع الاوساط يحصل كل هذا التصرف في موازاة التباينات القائمة إنتخابياً مع مؤثرين في مناطقهم أسوة بالنائب ميشال المر في المتن الشمالي والنائب السابق منصور البون في كسروان وكذلك الواقع في زغرتا مع رئيس «حركة الإستقلال» ميشال معوض واشارت الأوساط الى ان لا مانع يحول بتبديل التحالفات لو جرت الإنتخابات حاليا او لاحقا كأن يبني تيار المستقبل تحالفات مناطقية مع العماد ميشال عون أو مع الوزير السابق إلياس سكاف في ظل صعوبات العلاقة القائمة بين الجانبين إذ طالما جعجع يماشي عون ويراعي مطالبه، فمن الأجدى إقامة تحالف مباشر مع عون. وربما الامر ممكن مع رئيس تكتل لبنان الموحد النائب سليمان فرنجية الذي سيشكل تأييده للتمديد تأمين غطاء مسيحي على مساحة الميثاقية المطلوبة وهو بذلك لم يراعِ العماد عون ولا توقف امام المزايدة الشعبية اذ من غير الطبيعي عند اي استحقاق ان ينصرف تيار المستقبل الى معالجة جبهة مع حليفه رئيس حزب القوات.
أما على ضفة القوات فهي أيضاً لديها عتاب على المستقبل ويعمل منسق الأمانة العامة لقوى 14 اذار على تخفيف من الاحتقان بين الجانبين على ما كشف وزير في قوى 14 آذار وأضاف بان جعجع عاتب على الحريري لسيره في انتخاب عون لرئاسة الجمهورية لولا تمكنه حسب المصدر ذاته من فرملة هذه الإندفاعة نتيجة إتصالات خارجية وإقليمية إلا أن مسؤلاً قواتياً رفيعاً يشدد على ان أجندة عون هي أجندة خاصة ولا توجد «أجندة مسيحية» لديه فهو يسير وفق أجندة حزب الله اذ بعد أن رفض الطائف ينخرط بالدولة وفق دستورهذا الاتفاق الذي دمر البلد نتيجة رفضه له وأضعف المسيحيين وعلى اجندته تعطيل الرئاسة الأولى وتأييد حزب الله في حين أن جعجع يدفع بإتجاه إنتخاب رئيس للجمهورية ويرفض سياسة حزب الله ثم ان القوات أيدت التمديد سابقاً إنطلاقا من اعتبارات تقنية في حين ان لا مبرر حاليا للتمديد وعدم اجراء الانتخابات النيابية وعدم وجود قانون إنتخابي من قبل هذه الحكومة وشدد المسؤول على أن ما يحكى عن خلاف الحريري وجعجع هي محاولات لإصطياد في الماء ولن تكون الحصيلة من هذا الصيد العكر. اذ ان معادلة «السين -السين» الحقيقية اي «سعد وسمير» لن تشهد خلافا وهي مستمرة نتيجة التحديات المشتركة لهما.